ما يجب أن ندرسه | النشاط الاقتصادي

الإقتصاد هو علم اجتماعي يهتم بدراسة النشاط الاقتصادي

من بين عشرات التعريفات المقتبسة من علماء الإقتصاد قديماً و حديثاً يبقى هذا التعريف هو أبسطها، إذا قمنا بتعريف النشاط الإقتصادي تعريفا وافيا.
إذن فما هو النشاط الإقتصادي ؟

النشاط الإقتصادي هو مجموع عمليات استهلاك وإنتاج، وتبادل الموارد الإقتصادية بين الفاعلين الإقتصاديين، والتي تتم من خلال آلية تنسيق للتعامل مع مشكلة النُدْرَة

قد يبدو التعريف معقداً لأول مرة، لذا سنقوم بتحليله بشكل تفصيلي ليتسنى لنا فهمه بطريقة أفضل.

العمليات الإقتصادية

الاستهلاك

الاستهلاك عملية نقوم بها كل يوم مرات لا تحصى، فنحن نستهلك الأكل والكهرباء، لذا فالاستهلاك من أهم العمليات الإقتصادية في حياتنا اليومية، ففي الواقع نحن لا نستطيع العيش بدون استهلاك.

ما هو الاستهلاك إذن؟

الاستهلاك هو استعمال أو تحويل الموارد الإقتصادية، وينقسم إلى قسمين:
استهلاك نهائي: وهو الاستعمال الذي يؤدي إلى تدمير المورد الإقتصادي بطريقة آنية أو تدريجية.
مثال 1 – استهلاك المواد الغذائية يؤدي إلى إتلافها حالاً، إذن فهو استهلاك نهائي بطريقة آنية.
مثال 2 – استهلاك قلم رصاص يؤدي إلى إتلافه تدريجياً، إذن فهو استهلاك نهائي بطريقة تدريجية.
استهلاك وسيط: وهو تحويل مورد اقتصادي لإنتاج سلعة ما.
مثال – استعمال الخشب في إنتاج الورق، أو استعمال المعدن لإنتاج الآلات

الإنتاج

سبق وتطرقنا لمشكلة الندرة النسبية، أي أن موارد كل إنسان أقل من حاجياته ورغباته، إذن فبحسبة منطقية بسيطة إذا أردنا حل هذه المشكلة فنحن أمام خيارين:

أ- أن نكبح جماح حاجيات ورغبات الفرد، وهذا أمر لا يحبذه الكثيرون.
ب- أن نقوم بزيادة موارد الفرد الإقتصادية، وذلك عن طريق عملية الإنتاج، وهذا الاختيار الذي اتفق عليه البشر منذ الأزل.

ما هو الإنتاج إذن؟

الإنتاج هو إضافة القيمة إلى الموارد الإقتصادية، وذلك بتحويلها وتغييرها باستخدام المجهود البشري؛ “العمل بنوعيه: العضلي والعقلي”

تعريف آخر مهم للإنتاج:

الانتاج هو دمج عوامل الإنتاج (رأس المال والعمل) لاستهلاك موارد استهلاكاً وسيطاً، وتحويلها إلى سلع وخدمات ذات قيمة أكبر.

لكن التعريف الأول كافٍ ووافٍ في هذه المرحلة.

التبادل

التبادل هو حلقة الوصل التي تربط عملية الاستهلاك بالإنتاج، فأي فرد لا يملك كل ما يجب أن يستهلكه؛ لذا فهو يبحث عن من ينتج المورد الناقص للحصول عليه عن طريق عملية التبادل.

إذن ما هو التبادل؟

التبادل هو عملية نقل موارد إقتصادية متبادلة بين فاعلين إقتصاديين، سواءً كانت الموارد الإقتصادية سلعاً وخدمات أو نقوداً.
مثال 1 –  تبادل بين رب أسرة وبقال؛ حيث يملك رب الأسرة نقوداً؛ ويملك البقال مواداً غذائية، يتم التبادل فوراً إذا اتفق الطرفان
مثال 2 – تبادل بين صاحب شركة وعامل، حيث يملك العامل مجهوداً عضلياً أو عقلياً (عمل)، ويملك صاحب الشركة مالاً (راتب)، يتم إتمام التبادل في نهاية مدة زمنية محددة كاليوم أوالأسبوع أوالشهر، حيث يعطي صاحب الشركة للعامل راتبه بعد إتمام عمله.

أما الآن وبعد أن انتهينا من تعريف العمليات الاقتصادية؛ نمرُّ مباشرةً إلى تعريف الفاعلين الإقتصاديين، العنصر الثاني المهم في تعريفنا للنشاط الإقتصادي.

من هو الفاعل الإقتصادي؟

الفاعل الإقتصادي هو فرد أو مجموعة أفراد قادرين على اتخاذ قرارات على المستوى الإقتصادي، ويتخذونها بطريقة موحدة كمجموعة.

في هذا التعريف، يقصد بالقرارات على المستوى الإقتصادي؛ الاستهلاك والإنتاج والتبادل، بالنسبة إذا كان الفاعل الإقتصادي مجموعة أشخاص، يجب عليها أن تتخذ قراراتها كفرد واحد، حيث تستهلك المجموعة كفرد وتنتج كفرد.

يختلف الفاعلون الإقتصاديون من حيث الهدف، وطريقة اتخاذ القرار، وينقسمون إلى بضعة أقسام:

الأسرة

الأسرة بالمعنى الإقتصادي هي كل شخص أو مجموعة من الأشخاص يتشاركون في مواردهم الإقتصادية، ويتخذون قراراتهم الإقتصادية كشخص واحد.

فيمكن للأسرة أن تتكون من شخص واحد، كما يمكنها أن تتكون من عدة أشخاص لهم استهلاك وإنتاج موحد في أغلب الحالات.

في النظام الرأسمالي الدور الأساسي للأسرة هو الإستهلاك، حتى وإن كانت تقوم بأنشطة منتجة  كمشاريع صغيرة مدرة للربح أو غيرها

الشركات الربحية

الشركات الربحية هي مجموعة من الأشخاص اجتمعوا بتنظيم معين للقيام بدمج وسائل الإنتاج (رأس المال والعمل) بهدف إنتاج سلع و خدمات لتحقيق أرباح.

تختلف الشركات الربحية من حيث الحجم، وطبيعة المعاملات، والمجال الذي تعمل به، لذا فالأمثلة عليها كثيرة جداً لا يتسع لها المقام.

الشركات الغير الربحية

للشركة الغير ربحية نفس تعريف الشركة الربحية، إلا أنها لا تهدف عن طريق إنتاجها إلى تحقيق الأرباح، بل تسعى إلى الصالح العام ودعم القضايا الإنسانية كــ Greenpeace1

الإدارات العامة

الإدارات العامة هي مؤسسات الدولة بمختلف أنواعها والتي تنتج خدمات عامة غير ربحية؛ كالمحاكم، وأقسام الشرطة، والمدارس، والجامعات العامة، والمؤسسات الخاصة بإحصاء وجمع الضرائب …

أنظمة الربط: السوق

و مع آخر تعريف لنا وهو تعريف أنظمة الربط؛ وهي الأنظمة التي تربط العمليات التي يقوم بها الفاعلون الإقتصاديون، كالاستهلاك والإنتاج والتبادل، فهي التي تحقق التوازن والتناغم في الإقتصاد، وتجعل العمليات الإقتصادية سلسة وسهلة.

على مر التاريخ استخدم البشر نظامين للربط؛ هما السوق والتخطيط المركزي، لكن التخطيط المركزي لم يدم سوى عشرات السنين، بينما اتفق البشر على استخدام نظام السوق.
 بما أن هذه ليست حصة تاريخ سنقوم بتناول مفهوم السوق فقط على أمل تقديم نظام التخطيط المركزي؛ حين تناولنا للنظرية الإقتصادية الماركسية.

إذن، ما هو السوق؟

يعتبر السوق البنية الأساسية للاقتصاد، فالسوق هو :
أي مكان، بنية، أو طريقة تمكن من التقاء البائعين والمشترين لسلعة معينة، لمبادلة هذه السلعة بسلع أخرى، أو لبيعها مقابل ثمن نقدي.
تعريف السوق لم يعد بسيطاً كالسابق، فلم يعد السوق بالضرورة مكاناً في حيز جغرافي، فمع تقدم التكنولوجيا ووسائل الاتصال أصبح باستطاعة المشتري دخول السوق من غرفة نومه.
مثال – موقع Amazon الذي يعتبر بيع الكتب نشاطه الرئيسي يمكن اعتباره جزءاً من سوق الكتب، رغم أن الدخول إليه لا يستلزم سوى بضع دقائق وبطاقة بنكية.
إذن فالسوق لا يجب أن يكون بالضرورة مكاناً جغرافياً، فبفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصال أصبح بإمكان الجميع الولوج إلى سوق الذهب، أو سوق الأسهم، أو العملات من غرف نومهم إذا أرادوا عبر شبكة الإنترنت.

و بهذا نكون قد أكملنا شرح المصطلحات الصعبة في تعريف النشاط الإقتصادي، مما يجعل تعرف علم الإقتصاد الذي أدرجناه في بداية المقال واضحاً للجميع … على كل حال، نأمل ذلك!

على الهامش : التعريفات المدرجة في هذا المقال موجهة لغير المختصين الذين ليس لديهم أي إلمام بالمصطلحات الإقتصادية، لذا فقد نعود مستقبلا لتعريف بعض هذه المصطلحات تعريفا أكثر دقة يلائم تطلعات أصحاب المستوى المتوسط و المتقدم في الإقتصاد

ــــــــــــــ

 (1) منظمة عالمية مستقلة تعمل لتغيير المواقف والسلوكيات من أجل حماية وحفظ البيئة وتعزيز السلام

Exit mobile version