ترجمات

نظريات التجارة الدولية | الميزة النسبية

بالرغم من أن تفسير آدم سميث لمعنى الميزة المطلقة (الميزة المطلقة تعني أنه بإمكان بلد أو شركة ما إنتاج سلعة أو منتج أو خدمة بكميات أكبر من جميع المنافسين بنفس الموارد), لكنه فوَّت شيئًا مهمًا في كتابه “ثروة الأمم” وهو نظرية الميزة  النسبية ، حيث يعود الفضل الأكبرفي هذه النظرية لديفيد ريكاردو مع أن روبرت تورانس ذكرها قبله بسنتين.

 بشكل عام، فإنَّ فكرة نظرية الميزة النسبية تتمثل في قدرة دولة على إنتاج سلعة معينة بتكلفة أقل وجودة أعلى من أي دولة أخرى, مع ذلك قد يكون من المفيد أن تنتج مع الدولة الثانية إذا كان لديها تكلفة الفرصة البديلة أقل.

الخطوة الأولى لفهم الميزة النسبية : جدول إمكانيات الإنتاج

أما عن فهم الميزة النسبية لمقال فالأفضل أن يتم توضيحها من خلال مثال:

لو فرضنا أن الدولة (أ) يمكنها إنتاج 200 طن قمح أو 100 جهاز تلفاز في فترة زمنية معينة، في حين أن الدولة (ب) يمكنها إنتاج 50 طنًا من قمح أو 50 جهاز تلفاز في نفس الفترة.

جدول إمكانيات الإنتاج خلال فترة زمنية محددة

 

الدولة (أ)

الدولة (ب)

إجمالي الانتاج

قمح

200

50

250

أجهزة تلفاز

100

50

150

ح أن الدولة (أ) تملك أفضلية مطلقة في إنتاج كلا المنتجين (القمح وأجهزة التلفاز)، ففي نفس المدة الزمنية تستطيع الدولة (أ) إنتاج أربع أضعاف مقدار القمح أو ضعفي أجهزة التلفاز. أما إذا كرَّس نصف الوقت لكل منتج سوف ينتج 100 وحدة قمح و50 جهاز تلفاز.

أما الدولة (ب) إذا كرَّست نصف وقتها لكل منتج سوف ينتج 25 طن قمح و 25 جهاز تلفاز.
وبالتالي إذا خصصت كل دولة منهما نصف الوقت المحدد فقط للإنتاج، فإجمالي إنتاج الدولتين هو: 125 طن قمح و 75 جهاز تلفاز.

جدول إمكانيات الإنتاج خلال نصف الفترة الزمنية

 

الدولة (أ)

الدولة (ب)

إجمالي الانتاج

قمح

100

25

125

أجهزة تلفاز

50

25

75

الخطوة الثانية لفهم الميزة النسبية: تكلفة الفرصة البديلة

كيف يمكننا أن نطبق مفهوم تكلفة الفرصة البديلة لكي نفهم التبادلات التجارية بين الدول؟

تكلفة الفرصة البديلة هي تكلفة فرصة الاختيار من حيث توفر رفاهية الاختيار بين عدة بدائل  (في سياق مقالنا هذا كل دولة تستطيع الاختيار بين إنتاج القمح أو انتاج أجهزة التلفاز)

مثال بسيط للفهم

أنت الآن تقرأ هذا المقال منذ بضعة دقائق، وذلك بمحض إرادتك وبكامل قواك العقلية (إن لم تكن من ضمن الذين نجبرهم على قراءة مقالاتنا بواسطة التهديد أوالإبتزاز! )، وهذا يعتبر استعمالًا لأحد أهم مواردك الاقتصادية المحدودة وهو الوقت، حيث اعتبرتَ أن قراءة هذا المقال أفضل من قراءة بضع صفحات من روايتك المفضلة، والتي كانت أفضل البدائل لديك، فالوقت التي تقضيه الآن في قراءة هذا المقال كان بإمكانك أن تستخدمه في أي شيء آخر.إذن فتكلفة الفرصة البديلة لقراءة هذا المقال هي : عدم استمتاعك بقراءة روايتك المفضلة الآن، ونفس الأمر بالنسبة للإنتاج.

تكلفة الفرصة البديلة للدولة أ

دعونا أولًا نحسب تكلفة الفرصة البديلة للدولة الأولى، حيث أن الدولة (أ) عليها أن تضحي بإنتاج طنين من قمح مقابل إنتاج جهاز تلفاز إضافي واحد لأنه خلال الوقت الذي تنتج فيه تلفازا واحدا يمكنها أن تنتج طنين من القمح. وبهذا فإن تكلفة الفرصة البديلة لإنتاج تلفاز هي إنتاج طنين من القمح.

تكلفة الفرصة البديلة للدولة ب

أما بالنسبة للدولة (ب) فعليها أن تضحي بإنتاج طن واحد من القمح فقط لإنتاج تلفاز إضافي وبهذا تكون كلفة الفرصة البديلة لإنتاج تلفاز إضافي هي طن واحد من قمح.

من التي تمتلك تكلفة فرصة بديلة أقل؟

يتضح لنا مما سبق أن الدولة (ب) تستطيع إنتاج أجهزة تلفاز بتكلفة فرصة بديلة أقل (من حيث عدد وحدات القمح المستغنى عن إنتاجها, حيث أن الدولة (ب) تستغني عن إنتاج طن قمح واحد فقط لإنتاج جهاز تلفازمقارنة بالدولة (أ) .

يمكننا القول أيضًا أن الدولة (أ) تنتج القمح بتكلفة فرصة بديلة أقل (من حيث عدد أجهزة التلفاز المستغنى عن إنتاجها) من الدولة (ب).

هذا يعني أنه على الدولة (ب) أن تتخصص في صناعة أجهزة التلفاز، في حين أن الدولة )أ( عليها تتخصص في زراعة القمح. 

الميزة النسبية: كيف يمكن للجميع أن يستفيد!

إذا كان كلا الدولتين ترغبان بشراء 75 تلفاز)نصف الإنتاج الإجمالي( ولديهما استعداد للتبادل التجاري بينهما، في هذه الحالة فإن الدولة) ب( عليها أن تنتج 50 جهاز تلفاز لأن لديها الميزة النسبية في انتاج أجهزة التلفاز، بينما الدولة )أ( عليها إنتاج 25 جهازا الباقية، وبعدها تنتج قمحا بالوقت المتبقي لديها؛ ليبلغ إنتاجها 25 جهاز تلفاز و150 طنا من القمح.

إجمالي إنتاج الدولتين الآن هو 150 طنًا من قمح و 75 تلفازًا، والواضح أن الإنتاج بهذه الطريقة ومبادلة السلع بين الدولتين أفضل من انتاج كل دولة لكل حاجياتها من القمح وأجهزة التلفاز.

الدولة (ب) مستعدة لتبادل طن واحد من القمح أو أكثر لكل جهاز تلفاز تنتجه. إما الدولة )أ( فهي مستعدة لتبادل طنين من القمح أو أقل مقابل كل تلفاز تنتجه، وبالتالي فإنهما سوف يتفقان على مبادلة طن أو طنين من القمح مقابل كل جهاز تلفاز وبهذا يكون كلاهما حصل على نفس مقدار أجهزة التلفاز مع بعض الأطنان الإضافية من القمح الإضافي. هنا يستفيد الجميع ولا يوجد خاسر في المعادلة!

خاتمة

المثال السابق يوضح الميزة  النسبية، ويوضح لنا كيف يمكن للتبادل التجاري أن يحسِّن حال جميع الأطراف.

علمًا أن هذا يحدث بافتراض أن تكلفة الشحن منخفضة أو معدومة (بمعنى  تجارة حرة حيث لا توجد قيود على التبادل التجاري ولا توجد رسوم إضافية عليه مثل الجمارك أو الضرائب على الواردات )، ولهذا تعتبر الميزة  النسبية مفهوم محوري ومهم  للداعين إلى حرية التجارة بين الدول.

مصطفى العيدروسي

طالب محاسبة جامعة بغداد مهتم في مجال الاقتصاد ومترجم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى